حصد حادث الحج أرواح أكثر من ٧٠٠ شخص وأصاب أكثر من ٨٥٠ آخرين و وللأسف هذه المأساة ليست الأولى في الحج. يجذب الحج ملايين الأشخاص سنويا من كل أنحاء العالم, ويشتمل على عدة شعائر غير بسيطة مما يرشحه ليكون مناسبة خطرة.
منذ عام ١٩٩٢ تم قطع شوط كبير في ضمان أمن الحجاج, حيث تذكر مصادر الحكومة السعودية أنه تم صرف ٢٠٠ مليار جنيه إسترليني لتطوير البنى التحية للحج, والذي يتضمن فعاليات متعددة في مدينة مكة وحولها. أحد الأدوات الأساسية الني يستخدمها منظموا الحج وفعاليات الحشود الأخرى كالمسيرات والمهرجانات والأحداث الرياضية هو استخدام نماذج الكمبيوتر لمحاكاة حركة المجموعات الكبيرة من الناس.
بين حشدين
حديثا, قمنا بعمل مراجعة منهجية لنماذج الكمبيوتر المستخدمة في المجال, وباستخدام منظور الهوية الاجتماعية قمنا باقتراح التمييز بين الحشود المكانية (حيث يكون مجموعة من الناس ببساطة في نفس المكان) والحشود النفسية (حيث يكون الناس ضمن حشد مكاني وأيضا يتشاركون تعريفا للذات/ هوية اجتماعية), أي مجموعة من الناس في حدث ما قد يرون أنفسهم كمسلمين أو مشجعي مانشستر يونايتد أو هواة للموسيقا على سبيل المثال. تلك الهوية المشتركة تؤثر على سلوك الحشد وبالتالي هي متطلّب للفهم والتنبؤ بحركة الحشد مثل التدفق والاختناق.
أظهرت الدراسات مؤخرا أن وجود الإحساس بالانتماء للجماعة قد يعني أن أعضاء الحشود النفسية أقدر على التأقلم حتى وإن كانو مكتضين وحركتهم بطيئة جدا, لأنهم يحسون بالأمان داخل الجماعة. ولكن عندما يكون هنالك أكثر من حشد نفسي في نفس المكان يمكن أن يحدوا من حركة بعضهم بشكل غير مقصود.
في دراسة حديثة (غير منشورة) وجدنا أن الناس في الحشد النفسي يسيرون متقاربين وبشكل أكثر بطئا ويمشون مسافة أكبر لكي يبقوا مع بعضهم, أكثر من الأشخاص الذين يكونون في حشد مكاني. الأشخاص الذين لم يكونوا ضمن الحشد النفسي لم يمروا خلاله وإنما التفوا حوله.
على الرغم من أهمية الهوية المشتركة في فهم الحشود النفسية إلاّ أن الخبراء في مجال النماذج الافتراضية للحشود إما تجاهلوا ببساطة مفهوم الحشد النفسي في نماذجهم أو عاملوا الحشود ككتلة من الأفراد المتطابقين. هنالك جماعات صغيرة (من شخصين إلى خمس) يتم إضافتها لتلك النماذج, ولكن المصممين لتلك النماذج يفترضون ببساطة أن كل الحشود هي حشود مكانية, و نتيجة لذلك تفشل تلك النماذج في التنبأ الدقيق لسلوك الحشود النفسية. النقطة المهمة هنا هي في حقيقة كون الحشود المكانية ربما تشتمل على أكثر من حشد نفسي (سنة وشيعة على سبيل المثال), لذلك فإن افتراض أن الحشد مكون ببساطة من أفراد يتصرفون كجزيئات أو كرات بليارد ضمن الحشد, يهمل خصائص مميزة لحشود مثل الموجودة في الحج.
وضع نموذج للحج
هذه النقطة تحمل تطبيقات مهمة لبرامج المحاكاة الحالية للحج. على سبيل المثال لا تستطيع هذه النماذج التنبؤ بأن جماعات مختلفة تفضل مواقع مختلفة في الحج مثل كون الحجاج الشيعة يفضلون الأماكن المكشوفة لممارسة شعائرهم, و ذلك مهم خاصة لتنوع الشعائر التي يتضمنها الحج. النماذج التي تعامل الحشد ككتلة متجانسة تفشل أيضا في تفسير واقع أن الناس في الحشود الكبيرة يتكتلون على بعضهم في جماعات صغيرة ضمن الحشد الكبير المتحرك, بحيث يفصلون نفسهم عن الجماعات الأخري ويخلقون قوة متماسكة في وجه التيار.
يجب أن نحذر من الاعتماد كليا على نماذج الكمبيوتر للمحاكاة كونها لا تستطيع التنبؤ بشكل كامل أو تضمن سلامة الحشود. من أجل تجنب الكوارث نحتاج أيضا أن نراقب كثافة وتدفق الحشود على الواقع حتى نمنع الكارثة من الحدوث. ولكن بدمج نماذج الكمبيوتر مع علم نفس الحشود يمكننا أن نفهم بشكل أفضل سلوك الحشود وبالتالي تطوير نماذج المحاكاة لكي تجعل فعاليات الحشود أكثر أمنا , على أمل أن نتجنب كوارث كالتي شهدناها في مناسبات كالحج.
This article was written by Anne Templeton and John Drury and originally appeared in The Conversation. The article was translated from English by Khalifah Alfadhli.
Leave a Reply